الجمعة، ٢٦ كانون الأول ٢٠٠٨

غزوة السويق

غزوة السويق

 

قال حدثنا أبو محمد عبد الملك بن هشام قال حدثنا زياد بن عبد الله البكائي ، عن محمد بن إسحاق المطلبي قال ثم غزا أبو سفيان بن حرب غزوة السويق في ذي الحجة وولي تلك الحجة المشركون من تلك السنة فكان أبو سفيان كما حدثني محمد بن جعفر بن الزبير ، ويزيد بن رومان ومن لا أتهم عن عبد الله بن كعب بن مالك ، وكان من أعلم الأنصار ، حين رجع إلى مكة ، ورجع فل قريش من بدر نذر أن لا يمس رأسه ماء من جنابة حتى يغزو محمدا صلى الله عليه وسلم فخرج في مائتي راكب من قريش ، ليبر يمينه فسلك النجدية ، حتى نزل بصدر قناة إلى جبل يقال له ثيب ، من المدينة على بريد أو نحوه ثم خرج من الليل حتى أتى بني النضير تحت الليل فأتى حيي بن أخطب ، فضرب عليه بابه فأبى أن يفتح له بابه وخافه فانصرف عنه إلى سلام بن مشكم ، وكان سيد بني النضير في زمانه ذلك وصاحب كنزهم فاستأذن عليه فأذن له فقراه وسقاه وبطن له من خبر الناس ثم خرج في عقب ليلته حتى أتى أصحابه فبعث رجالا من قريش إلى المدينة ، فأتوا ناحية منها ، قال لها : العريض ، فحرقوا في أصوار من نخل بها ، ووجدوا بها رجلا من الأنصار وحليفا له في حرث لهما ، فقتلوهما ، ثم انصرفوا راجعين ونذر بهم الناس .

 

فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في طلبهم واستعمل على المدينة بشير بن عبد المنذر وهو أبو لبابة فيما قال ابن هشام ، حتى بلغ قرقرة الكدر ، ثم انصرف راجعا ، وقد فاته أبو سفيان وأصحابه وقد رأوا أزوادا من أزواد القوم قد طرحوها في الحرث يتخفون منها للنجاء فقال المسلمون حين رجع بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم يا رسول الله أتطمع لنا أن تكون غزوة ؟ قال " نعم " .

 

قال ابن هشام : وإنما سميت غزوة السويق ، فيما حدثني أبو عبيدة أن أكثر ما طرح القوم من أزوادهم السويق ، فهجم المسلمون على سويق كثير فسميت غزوة السويق .

 

قال ابن إسحاق : وقال أبو سفيان بن حرب عند منصرفه لما صنع به سلام بن مشكم :

 

وإني تخيرت المدينة واحدا          لحلف فلم أندم ولم أتلوم

 

سقاني فرواني كميتا مدامة         على عجل مني سلام بن مشكم

 

ولما تولى الجيش قلت ولم أكن       لأفرحه أبشر بعز ومغنم

 

تأمل فإن القوم سر وأنهم           صريح لؤي لا شماطيط جرهم

 

وما كان إلا بعض ليلة راكب     أتى ساعيا من غير خلة معدم

 

وذكر أن أبا سفيان كان نذر ألا يمس رأسه ماء من جنابة حتى يغزو محمدا .

 

في هذا الحديث أن الغسل من الجنابة كان معمولا به في الجاهلية بقية من دين إبراهيم وإسماعيل كما بقي فيهم الحج والنكاح ولذلك سموها جنابة وقالوا : رجل جنب وقوم جنب لمجانبتهم في تلك الحال البيت الحرام ، ومواضع قرباتهم ولذلك عرف معنى هذه الكلمة في القرآن أعني قوله وإن كنتم جنبا فاطهروا   فكان الحدث أكبر معروفا بهذا الاسم فلم يحتاجوا إلى تفسيره وأما الحدث الأصغر وهو الموجب للوضوء فلم يكن معروفا قبل الإسلام فلذلك لم يقل فيه وإن كنتم محدثين فتوضئوا كما قال وإن كنتم جنبا فاطهروا   بل قال فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق   الآية [ المائدة 6 ] فبين الوضوء وأعضاءه وكيفيته والسبب الموجب له كالقيام من النوم والمجيء من الغائط وملامسة النساء ولم يحتج في أمر الجنابة إلى بيان أكثر من وجوب الطهارة منها : الصلاة .

 

وقوله أصوار نخل ، هي جمع صور . والصور نخل مجتمعة .

 

سلامة بن مشكم

 

وذكر سلام بن مشكم ، ويقال فيه سلامة ويقال إنه ولد شعثاء التي يقول فيها حسان

 

لشعثاء التي قد تيمته

 

 

 

فليس لعقله معها شفاء

 

وقول أبي سفيان شماطيط جرهم . الشماطيط الخيل المتفرقة ويقال للأخلاط من الناس أيضا : شماطيط وأصله من الشميط وهو اختلاط الظلام بالضوء ومنه الشمط في الرأس .

 

وقوله ولم أكن لأقرحه والمقرح الذي قد أثقله الدين وقد تقدم شرحه .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق